مهما كان الرأي الذي يحمله شخص غير مسلم عن القرآن، فإنه لا يمكن أن يكون هناك حوار حقيقي. إذا لم نعترف أنه إشراقة إلهية وإيمان يربط الانسان بأصله وبغايته ويعطي معنى لحياته اعتماداً على أركان الاسلام الخمسة.
الشهادة: هي: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
إن للكون كله معنى، والمطلق يبدو في النسبي على شكل آيات ورموز والطبيعة والناس هما تجل لله وشاهد على إظهار وجوده: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً) الإسراء/ 44.
الصلاة: هي مشاركة الانسان بشكل واع في تسبيحة الحمد التي تربط المخلوق بخالقه. إن الصلاة تدمج الانسان المؤمن بهذه العبادات الشاملة، فحين يقوم مسلمو العالم لأداء الصلاة ووجهتهم تتجه نحو مكة وكذلك جميع المساجد حيث أن المحراب يدل على اتجاه الكعبة، فإنهم ينتظمون على شكل دوائر متحدة المركز في طواف القلوب المنجذبة نحو مركزها. والوضوء من الشعائر قبل الصلاة يرمز إلى عودة الانسان إلى الطهارة الأولية، مبعداً عن نفسه كل ما يمكن أن يُبعده عن وجه الله، حيث يصبح بواسطتها مرآة كاملة.
الصيام: هو انقطاع إرادي في إيقاع الحياة، يُعتبر تأكيداً على حرية الانسان تجاه ذاته ورغباته، فيتذكر في الوقت ذاته ذلك الانسان الجائع وكأنه كائن في ذاته وأن عليه أن يساعده للتخلص من الجوع ومن الموت.
الزكاة: إنها ليست صدقة، لكنها نوع من العدالة الداخلية المفروضة بحكم الشرع، والتي تجعل التضامن بين أهل الإيمان فعالاً، أي هؤلاء الذين يعرفون كيف ينتصرون على الأنانية والبخل في أنفسهم. إن الزكاة تذكير دائم بأن كل ثروة مثل كل شيء، يعود إلى الله ولا يمكن للفرد التصرف بها على هواه. لأن كل انسان هو متضامن مع الآخرين. (وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم).
- الحج إلى مكة:
إن الحج لا يجسد فقط الحقيقة العالمية للأمة الاسلامية ككل. ولكن بالنسبة لكل حاج على حده، فإنه يُحيي فيه الشوق الباطني نحو مركز ذاته. إن فكرة الاسلام المركزية في كل مظاهره هي هذه الحركة المزدوجة، حركة مدٍ يتجه بها الانسان نحو الله، وحركة جزر يمن الله بها على الانسان، كانبساط القلب الانساني وانقباضه: (والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.